عقدت جمعية الناشرين الإماراتيين، أمس الاثنين، جلسة حوارية بعنوان "دور المرأة في قطاع النشر الإماراتي وتعزيز المحتوى"، بالتزامن مع يوم المرأة العالمي، استضافت خلالها الدكتورة اليازية خليفة، مؤسس دار الفلك للترجمة والنشر، وفرح المهيري، المؤسس والرئيس التنفيذي لدار منشورات بيت الكتّاب، والكاتبة الإماراتية عفراء محمود، شريك ومؤسس في مكتبة ومنشورات غاف، للحديث عن دور المرأة في قطاع النشر وأثره، والمكتسبات التي حققتها، واسهاماتها في إثراء القطاع والارتقاء به.
واستهلّت الجلسة التي جاءت بحضور راشد الكوس المدير التنفيذي لجمعية الناشرين الإماراتيين، وأدارتها الروائية صالحة عبيد حسن، بالحديث عن التأثير الداعم الذي أحدثه تولي الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، المؤسس والرئيس الفخري لجمعية الناشرين الإماراتيين، لمنصب رئيس الاتحاد الدولي للناشرين، على واقع النشر المحلي والعربي وانعكاساته على المرأة الناشرة.
وأكدت الناشرات أن توليّ الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي لهذا المنصب هو التتويج الأكبر لدور المرأة وحضورها في قطاع النشر، كما أنه يلعب دوراً فاعلاً في إيصال صوت المرأة الإماراتية والعربية الناشرة للعالم بأسره، ويسهم في الارتقاء بالقطاع، ويخلق فرصاً جديدة وواعدة تمكّن المرأة من تقدّيم العديد من الجهود والمنجزات التي تؤكد حضورها وإمكانياتها الكبيرة.
وفي مداخلة لها، أوضحت الناشرة عفراء محمود، أن دخولها لقطاع النشر جاء من منطلق الحبّ والشغف لهذه المهنة، مؤكدة أنها تسعى من خلال اطلاقها لمنشورات (غاف) الى المساهمة في تطوير واقع النشر المحلي، وإثراء المحتوى الإبداعي، حيث لفتت إلى أن الدار تهتم بالمحتوى الإماراتي الإبداعي الجيد.
وتابعت:" نسعى لتقديم محتوى مختلف للقارئ، فالناشر يرغب بأن يستمع لصوت القارئ، ولا يوجد دار نشر تقوم وتستمر بدون اتصال مستمر مع القارئ تلبي رغباته وتطلعاته، ونعم بلا شك الكاتب عامل مهم، لكن القارئ هو الواجهة، واستمرارية دور النشر مرهونة بوجود القراء، وهذا من وجهة نظري كقارئة قبل أن أكون ناشرة، لهذا أحرص على أن أقدّم إصداراتي برغبة قارئة وهذا أمر غاية في الأهمية".
وأضافت:" يجب أن يضمن الناشر وصول أعماله للقرّاء، لا أن ينشر وحسب، لهذا ندرك وجود الكثير من المعايير التي تضمن نجاح عملية النشر منها تنظيم الفعاليات التي تخدم القرّاء وتعرفهم على الكاتب والكتاب، باعتبارها فرصة مهمة لتقريب وجهات النظر، كما يجب التركيز على عملية التوزيع التي تعدّ أمراً مهماً تضمن وجود الكتاب على رفوف المكتبات وبمتناول القرّاء".
من جانبها قالت الناشرة فرح المهيري:" أسعى لتقديم كتب ذات جودة ومضامين متنوعة وثرية، وقد نبعت فكرة تأسيس الدار من ملاحظات عديدة لمسناها خلال الورش والدورات التي قمنا بتنظيمها وشهدت اقبالاً كبيراً من الموهوبين أصحاب الأقلام الواعدة، وهذه الملاحظات صارت إصدارات، وقمنا بتبنيها، ثم تطور الوضع لتأسيس الدار، وبات التوجّه الأساسي لنا هو السعي من أجل تطوير ما نقدّمه، وأن نساهم بشكل حقيقي في الارتقاء بجودة الإنتاج الأدبي والمشهد الثقافي، لهذا قمنا بإصدار العديد من الكتب، وتساءل الكثير عن تخصصنا، نحن نتخصص بالكتب ذات المحتوى الجيد، ونولي اهتماماً كبيراً لكتاب الطفل".
وتابعت: "ليس كافياً أن أكون شغوفة بالكتاب لأصبح ناشرة، بل الأهم هو التأسيس لصناعة النشر، وأن تمتلك الناشرة المهارة لتطويع التحديات وتحويلها لفرص، وأن تسعى من أجل التطوّر والتميّز، في الوقت ذاته أن تعمل على استقطاب الأصوات المميزة في مجالات التأليف والإبداع، وأن تعزز وعيها بعملية النشر وتهتم بالخطط التطويرية بشكل مستمر لتواكب الركب وتقدّم كلّ ما يسهم في النهوض بهذه الصناعة".
ودعت المهيري إلى تأسيس فريق مؤلف من ناشرات إماراتيات يعمل على استشراف المستقبل ويضع تصورات جديدة ومبتكرة تضمن تطوير القطاع والارتقاء به في المستقبل.
من جهتها قالت الناشرة اليازية خليفة:" قطاع النشر بشكل عام بحاجة لعقول وأيدي مبدعة للعمل فيه، ولا يمكن أن نغفل عن دور المرأة فيه، ونحن كنساء نعمل في هذا المجال نلاحظ الوجود القويّ للسيدات الإماراتيات، وخير دليل على ذلك هو تولي الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي لمنصب رئيس الاتحاد الدولي للناشرين، الذي يأتي بمثابة الفخر والتتويج لصناعة النشر الإماراتية والعربية بشكل عام".
وتابعت: "أتحدث من منطلق عملي كناشرة لأدب الطفل، فالعمل في هذا المجال بحاجة للطفل نفسه، والمرأة هي الأكثر قرباً لحاجة الأطفال والأسرة، لهذا فإن إصداراتها ومحتوياتها تنبع من عاطفة كبيرة، وهذا عنصر قوة لا يستهان به".
وبما يتعلّق باتساق فكرة الناشرة الإماراتية مع قطاع النشر العالمي، قالت:" لو نظرنا إلى قطاع النشر حول العالم نجد أن الغالبية الساحقة في المجال هنّ سيدات، وهذا ليس لأن المرأة كفؤ لهذا العمل وحسب بل المسألة تتعلّق بالأجور التي هي أقل من الرجل، ولو قارنا الأمر في دولة الإمارات نجد أن المرأة تحظى بدعم كبير من الحكومة ولا نواجه المشكلات التي تواجهها المرأة في العديد من البلدان حول العالم".
وبما يتعلّق بتأثير جائحة كورونا على قطاع النشر، قالت اليازية:" تأسيس دور نشر في هذه الظروف يحمل الكثير من التحديات، وبالطبع الجائحة تسببت بإيقاف العديد من الفعاليات الثقافية على المستويين العربي والعالمي، وقد واجهنا صعوبات في عملية النشر والتكاليف، ولم نستطع شراء أي حقوق خارجية كل ما لدينا هو محلي، وقد ساهم تنظيم معرض الشارقة الدولي للكتاب في اتاحة الفرصة أمامنا لبيع الكتب والتقاء الناشرين، لهذا أنا دائماً ما أؤمن بأن الكتاب جزء لا يتجزأ من ضرورات مواجهة هذا الوباء".
وأوصت الناشرات في ختام الجلسة بضرورة القراءة باعتبارها "حياة"، وأن تلتزم دور النشر بتشكيل فرق لمناقشة الأمور المستقبلية لأنها تسهم في تحسين جودة ومضمون ما يقدّمه الناشر كونه يسعى لتلبية رغبات القارئ نفسه، كما وجهن دعوة للكاتبات والرسّامات لاستثمار فترات الحجر المنزلي في تطوير المهارات وتوثيق الأفكار وتدوينها، والاهتمام بتنويع الأفكار المنشورة وإصدار كتب ذات مضامين ومحتوى مختلف ومتميز ينهض بفكر ووعي القارئ على اختلاف اهتمامه ورغباته.