ضمن فعاليات معرض نيودلهي الدولي للكتاب الذي يحتفي بالشارقة ضيف شرف دورته الـ 27، نظمت جمعية الناشرين الإماراتيين جلسة حوارية تحت عنوان "ترجمة قصصنا الإماراتية إلى العالم" تناولت التحديات التي تواجه نقل الكتب العربية إلى اللغات الأخرى، وأثر ذلك على حضور الإبداع المحلي عالمياً.
شارك في الجلسة التي أقيمت ضمن فعاليات الاحتفاء بالشارقة ضيف شرف الدورة الـ27من المعرض، كل من: جمال الشحي مدير عام دار سهيل للنشر، وعبدالله الكعبي مدير معهد "الرمسة" ودار دراجون للنشر والتوزيع، و إيمان بن شيبة مديرة دار سهيل للنشر والتوزيع، وأدارت الجلسة مجد الشحي مدير مبادرة ألف عنوان وعنوان.
حول بدايات تجربتها في النشر، قالت إيمان بن شيبة: "بدأت تجربتي بالنشر الرقمي لأنه يتيح للناشر مجالات أوسع وتكلفته أقل من النشر الورقي، ولكن عندما أدركنا أهمية الكتاب الورقي للقارىء وما يمثله من حالة وجدانية لمحبي الشعر والأدب الذين يفضلون الاحتفاظ بنسخ من كتبهم المفضلة في مكتباتهم، أضفنا النشر الورقي بعد أن تعززت قناعتنا بأن الكتب الورقية باقية ولا مجال لغيابها ولها جمهورها الكبير".
وتحدثت بن شيبة عن تحديات الترجمة وتناولت صعوبة نقل بعض الكتب من لغة إلى أخرى لعدم توافقها مع الثقافات المحلية أو لأنها تقدم للقراء حكايات شديدة الخصوصية بالمكان الذي صدرت منه باللغات الشعبية التي تمنحها جماليتها الخاصة، واعتبرت أن الحفاظ على النص الأصلي عند الترجمة مسألة في غاية الصعوبة، لأن الكتاب المترجم هو نص مختلف عن النص الأصلي، وأشارت إلى أهمية اختيار الكتب المرشحة للترجمة إلى العربية بدقة حتى لا يواجه الناشر صعوبات في توزيعها.
وعن كيفية توظيف التقنيات الرقمية في خدمة صناعة الترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى، قالت بن شيبة: " تعتبر أمازون اليوم أكبر منصة للنشر الإلكتروني في العالم وتستحوذ على نسبة 80% من الكتب الإلكترونية، وهناك مفاوضات لنشر المزيد من الكتب العربية والمترجمة للأجنبية على هذه المنصة التي تتيح للكاتب والناشر الوصول إلى أكبر عدد من الجمهور العالمي". واعتبرت بن شيبة أن منصة (كيندل) الإلكترونية التابعة لأمازون هي بوابة الكاتب والناشر العربي نحو العالم.
أما عن الطباعة حسب الطلب، فقالت بن شيبة :" ساهمت الطباعة حسب الطلب في تقليص تكاليف تخزين الكتب على وجه التحديد، ولدينا اتفاقيات مع أمازون وجملون لتزويدهم بالكتب التي يطلبها عملائهم وبالكميات المحددة مسبقاً، لذا اعتبر هذا النوع من الطباعة بمثابة سوق جديد سيتطور تدريجياً ليضيف لصناعة النشر المزيد من الفرص".
وتحدث جمال الشحي عن دور الترجمة في تعزيز الروابط بين الشعوب، واعتبرها آلية سريعة وفعالة لفهم الآخر واستيعاب ثقافته، وأشار إلى أن ضعف حركة الترجمة من العربية للغات الأجنبية يفسر أسباب عدم تفهم الكثير من شعوب العالم للثقافة العربية.
وقال الشحي: " صناعة الترجمة العربية لا تزال دون المستوى المطلوب على الرغم من تطورها في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتبلغ قيمة سوق الترجمة والنشر العالميين اليوم نحو 173 مليار دولار، وهو رقم يتفوق على قيمة صناعة السينما في هوليود، ما يجعلنا مطالبون بالمزيد من العمل من أجل دعم هذا القطاع، ليس لعوائده المادية فحسب، بل لما له من أهمية بالغة في تعزيز علاقاتنا مع الشعوب الأخرى".
وتطرق الشحي إلى تأثير ذائقة القاريء العربي على سوق النشر، وقال: "معظم القراء العرب يفضلون الكتب العالمية المترجمة أكثر من العربية، ما دفع بالناشرين إلى التوجه نحو الترجمة من الأجنبية لمواكبة الطلب، وأكد على أن تجاوز هذه التحديات يحتاج إلى المزيد من الدراسة والفهم لسوق النشر العالمية للوقوف على ما كسبته من مواكبة التقنيات الحديثة.
وعن تأثير الطباعة حسب الطلب على واقع النشر المحلي قال الشحي:" ساهم هذا النوع من الطباعة في إنقاذ سوق النشر وساعد الناشرين على تخطي الكثير من الأزمات ووفرت عليهم جزء من النفقات كالشحن والتخزين، حيث تقوم دور النشر العالمية اليوم بإرسال الملفات الإلكترونية للكتب بدل شحن أعداد كبيرة منها كما كان يحصل في الماضي".
وبدوره أكد عبدالله الكعبي دور الترجمة في بناء جسور التعارف والتفاهم بين الشعوب والحضارات، واعتبر أن تحقيق غاية التقارب من خلال الترجمة يتطلب مراعاة أن تكون الكتب المرشحة للترجمة انعكاساً للواقع الاجتماعي للشعوب، وتنقل عاداتها وقيمها وتقاليدها بدقة وأمانة، خاصةً في ظل وجود الكثير من الكتب التي لا تصور الواقع الذي أنتجت فيه.
وأشاد الكعبي، بدعم المؤسسات الثقافية لقطاع النشر من خلال إتاحة الفرصة للناشرين المحليين للتعرف على نظرائهم من العالم والاطلاع على تجاربهم، وقال إن معارض الكتب العالمية التي تشارك فيها وفود من الدولة فتحت لنا آفاقاً ومنحتنا المزيد من المعرفة لتعزيز تنافسيتنا والاستمرار بمهامنا في نقل الثقافة العربية للعالم.