هناك شاعر عربي كبير اسمه الطغراني، يقول: "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"..
لقد كنت دائماً أحلم كالأطفال الصغار.. وككل الذي لا يحلمون إلا بالحُب والحُرّية والسلام، استيقظت ذات يوم لأجدني أرتعد في زمن انقطاع الحلم وطغيان اللون الرمادي والعتمة والخوف والحروب والأوبئة والأزمات، ثم يوماً بعد يوم بدأت الحياة تصبح كثوب قديم نحبّه، ولم يعد يتّسع لأجسادنا.. وبقيت نينوى رغم كلّ ذلك استمراراً لحلم لا أحبّ أن ينتهي.. مصالحة مع الذات، ودفاعاً مُستميتاً عن فسحة الأمل المُتبقّية لنا، لأطفالنا ولإنسانيتنا، وخيط ضوء يدفعنا لنكمل السير في النفق المُظلم، بأيدٍ متشابكة، نقلّل من وحشة الطريق إلى الشمس بالبوح، نروي لهم ولأنفسنا ما يمكن رويه، لنؤكّد ما قد يغيّر قناعة أو رؤية أو إعجاب، من قريب أو بعيد. ولنخبرهم أن ما يجمع الإنسانية أكثر بكثير مما يفرّقها؛ الحُب، الأمل، الحياة، عيون الأمهات، رائحة التراب بعد المطر، المطر، السماء والسؤال عن الحقيقة وفلسفة الذات، عن المعنى وحبل النجاة.. ولكي لا يضيع الوقت سدى، أردنا لنينوى أن تكون أرجوحة بين زمنين، زمن مضى وزمن نأمله أن يكون أفضل... لأننا ورغم صفاء الروح، نعرف أن المنطق في الواقع يختلف، ويحتاج إلى كثير من الصبر وأكثر من العقل إلى جانب خوذة تقينا من ذوات تتصارع فوق زورق مثقوب في مياه آسنة، دون رادع... ولقناعتي بأن الأمل الذي لا ينضب، هو عماد الواقع الذي نتمنى أن يجعل من القراءة والكتاب أولوية وحاجة إنسانية تُعلي من شأن كل ما هو حضاري ومدني وقيمي ومعرفي وأخلاقي، لصناعة زورق نجاة يحمل على ظهره الحب والسلام والإيمان..